بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 11 أغسطس 2011

الدولة المدنية في السودان هي الحل .

بقلم/ محمد أحمد منهل .
            أكثر من خمسين عاماً  من الحكم الوطني ومازال السودان يرزح تحت براثن أزمة الحكم ،وأصبحت أزمة الحكم في السودان قضية مقرونة بالسودان متما ذكر السودان وأينما توجهوا  السودانيين فثمة أزمة سببها الحكم . مع أن ألوان الطيف السياسي في السودان علي دراية تامة بان الحل هو الاتفاق علي طريقة بها يحكم السودان ، وهذه الطريقة  تبدو واضحة للعيان وهي الدولة المدنية  التي تستوعب كل التنوع الكائن في السودان (الديني والعرقي والاثني والجهوي والفكري ) التي يكتظ بها السودان  وأزمة الحكم هذه أصبحت في الآونة الأخيرة تظهر إفرازاتها بشكل صارخ وضار كانفصال جنوب السودان ، وتحرك إقليم دارفور نحو الانفصال ،والتهاب الأوضاع الأمنية في جبال النوبة وتفكير أهل شرق السودان في الانفصال .
  
      فلابد من التفكير هذه المرة في تطبيق فكرة الدولة المدنية التي يكون فيها التشريع عبر الإرادة الشعبية الحرة  من خلال المؤسسات التشريعية . ففكرة الدولة المدنية هي حاضرة  في كل مبادي  القوي السياسية السودانية . ما عدا طبعا المؤتمر الوطني المهيمن علي الحكم  وهؤلاء يعتقدون إن الدولة المدنية ما هي إلا عبارة عن دولة علمانية  فطبعا لكي ننتقل من حل هذه الإلغاز فلابد أن  نفرق بين المسميات والمضامين  فالمؤتمر الوطني الآن يدعو ألي دستور إسلامي في شمال السودان . وكعادة أرباب الإسلام السياسي  أصحاب الفكر المتقذم النصوصي عندما تستعصي عليهم أي مسالة أو قضية يردوها إلي نصوص دينية يقدمون بتفسيرها وفهمها علي هواهم ويغبشون بها وعي الناس .فالآن هم يقولون أن ملامح الدستور القادم في دولة شمال السودان هو دستور إسلامي . وقالوا : إن الوثيقة التي قدمها الرسول (ص) إلي أصحابة بالمدينة جاءت بالقران الكريم مصدرا للحكم وارتكزت علي أربعة مبادي هي (العدالة ،الحرية ، الشورى،،المسؤولية) وحددت مصادر للدستور هي (الكتاب ،السنة،قول الصحابة،القياس بالإضافة إلي العرف المقيّد)  وواضح جدا هذه دعوه إلي الدولة الثيوقراطية أو الدولة (الدينية) وهي التي تقوم بالحكم علي الحق الإلهي المطلق حيث يزعم الحاكم انه يحكم نيابة عن الله وانه مفوض منه   ويكسِب فيها الحاكم أحكامه وقوانينه  قداسة إلهية مطلقة .فهذا الاعتقاد المتجزر عندهم تنسفه كثير من الشواهد والدلائل والأقوال . قال الله تعالي : ( وما كان لبشرِ أن يؤتيه الله الكتاب والحُكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداَ لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) آل عمران الآية(79)  هذه الآية نسفت فكرة الدولة الدينية وقداسة الحاكم النائب عن الله تعالي . ولقد ضمن القران الكريم لغير المسلمين حرية العقيدة ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) البقرة (256). وقال تعالي: (وقل الحق من ربك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) الكهف الآية (29) . وكفل الإسلام لهم حرية العبادة وحماية دور عباداتهم ووضع لهم قاعدة المواطنة (لهم  ما لنا  ولهم  ما  علينا ) وقد ثبت ذلك في صحيفة المدنية بين الرسول (ص) واليهود ،قال (ص) : من أذي ذمياً فقد أذاني ومن أذاني كنت خصمه يوم القيامة ).                            طبعاً نعم بالله  وكتابه الكريم  فالقران واضح وسيرة سيدنا محمد (ص) وأحاديثه الشريفة تتجلي بشكل براق للعيان وأصحاب العقول . لكن فَهم الإسلاميين المتعصبين المتطرفين للنصوص الدينية  هو الذي يشكل عقبة أمام دولة مدنية سودانية قوية ودستور دائم يلبي كل التنوع السوداني . لأنهم يعتقدون جوراً  إن في الدولة المدنية ملامح للدولة العلمانية التي تعني فصل الدين عن الدولة مع إنهم هم  أنفسهم الذين عملوا علي تشويه مفاهيم العلمانية بهجومهم غير المنطقي  وخطابهم المقرض الذي يلامس مشاعر الناس ويدغدغ خلايا دينهم . فإذا قلنا إن الدولة  العلمانية هي نوع من أنواع الدولة. كالدولة الدينية والدولة المدنية . وأي واحده من هذه الدولة لها تعريفاتها وأحكامها وأركانها ومبادئها . فلكن المهم أن ننظر إلي المضامين فهل الدولة العلمانية من جانب مضامينها فيها مساس أو انتقاص للدين ؟ .
       أن الدولة العلمانية التي تدعو لها بعض القوي السياسية السودانية هي  بالتأكيد ليست كالدولة العلمانية  القائمة في ألمانيا أو أمريكا أو المملكة المتحدة . باعتبار أن المجتمع السوداني مجتمع يختلف من حيث المكونات. مكوناته الثقافية تختلف  عن تلك المجتمعات .فبتالي علمانيته ستكون من نوع بتوائم مع هذا الواقع
       أورد الأستاذ/ محمد إبراهيم نقد زعيم الحزب الشيوعي السوداني علي صفحات صحيفة الحياة اللندنية في يوم 30 يونيو/حزيران الماضي قال : إن المشهد السياسي في السودان يتلخص في أزمة الحكم وقال : إن حزبه ينادي بالدولة المدنية التي تستند إلي دستور مدني وحقوق الناس والحريات ولا يدعو إلي العلمانية لان هتلر علماني وموسي ليني علماني    انتهي كلام نقد .
    أذن إن الدولة المدنية لا تعني العلمانية بأي حال من الأحوال  فهي دولة القانون  وليست دولة رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والمجلس الوطني والولاة والمحافظين وإنما  هي دولة تؤسس علي قاعدة الفصل بين السلطات الثلاث والفصل يجب أن يكون بمعناه الحقيقي وليس بمعناه الاعتباري وعندما يكون هنالك فصل بين السلطات الثلاث وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية .فبالتأكيد سنحصل علي دولة مدنية أركانها بشرية الحاكم وعدم قداسته ، والشعب مصدر السلطات ، وحرية الرأي (الشورى أو الديمقراطية بدرجاتها ) والفصل بين السلطات والتمثيل النيابي للشعب وحق المواطنة . و الدولة المدنية بالتأكيد لا يكون فيها أي تمييز بين المواطنين بسبب الاختلاف في الدين أو الجنس أو الخلفية الاجتماعية والجغرافية .
وتكون مؤسساتها وسلطاتها التشريعية
(المجلس التشريعي)، والتنفيذية (الحكومة)، يديرها مدنيون منتخبون يخضعون للمساءلة والمحاسبة، ولا تدار الدولة بواسطة عسكريين أو رجال دين. واستبعاد رجال الدين لا يعني استبعاد المتدينين، ولكن المقصود ألا تجتمع السلطتان السياسية والدينية في قبضة رجل واحد حتى لا يتحول إلى شخص فوق القانون وفوق المحاسبة
مدنية الدولة
تمنع تحويل السياسة إلى صراع حول العقائد الدينية أو الشرائع السماوية، بل تبقيها صراعا سلميا بين رؤى وأفكار وبرامج وقوى ومؤسسات وأشخاص يهدف إلى اختيار الأفضل للدولة والمجتمع. عن طرق
الشفافية، وإمكانية الطرح العلني لجميع الرؤى والأفكار
والبرامج الهادفة لتحقيق الصالح العام في ظل قبول التعددية واحترام الرأي الآخر.
        فالدولة المدنية هي الحل لآفة الفساد ومشكلة النظام الطائفي والدولة المدنية لا تتعارض مع الدين ونحن نريد أن نتجاوز التسميات إلى المضامين أي أن المضمون للفكرة هي قيام الدولة على أساس مدني وعلى دستور بشري أياً كان مصدره وعلى احترام القانون وعلى المساواة وحرية الاعتقاد.
مدونة طليعة السودان الحرة :www.pioneermanhal.blogspot.com

هناك 5 تعليقات:

  1. قيام الدولة على اساس دستور بشري في اعتقادي هم قمة التعقيد للمشكلة لان البشر لا ضابط لافهامهم فما تريده دستريا لا يريده غيرك وعندها نجد انفسنا مضطرين لجهة تشريعية عليا تكفل مصالح الكل ،والمطالبة بالدولة المدنية استسلام لمرارة الواقع
    واما قولك بان الاية في قوله تعالى ( وما كان لبشرِ أن يؤتيه الله الكتاب والحُكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداَ لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) آل عمران الآية(79) ليس فيها نسف لفكرة الدولة الدينية وانما غاية ما فيها هو استنكار الاستبداد الساياسي من قبل الحاكم للمحكومين وشريعة الله هي الحل لكل ما نحن فيه سوف ينعم بالعدل كل افراد المجتمع بحياة كريمة (الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )سورة الملك

    ردحذف
  2. الف شكر زميلي الجميل علي تعليقك .
    قيام دولة مدنية اساسها قانون علي اساس بشري هو قمة التسهيل للمشكل وليس التعقيد لان المشكله هي معقده اصلا وتحتاج الي افراج عنها .لانه عندما يكون هنالك دستور يتوافق عليه الناس فبتالي يمكن ان يكون هذا الدستور جهة تشريعية عليا لتنظيم شئون الناس والمطالبة بالدولة المدنية هو استسلام لمرارة الواقع حقاً، لانه ما دعاني وغيري كثيرين من ابناء بلدي السودان لفكرة الدولة المدنية هو الواقع المر الذي نتج من تخبط الناس في تطبيق فكرة الدولة الدينية لذلك تعاطيت انا مع معادلات الواقع كما .من غير حنية ولا استدار عطف فالامر يتطلب المنطق والعقلانية .اما حول الاية الكريمة من سورة ال عمران الاية (79) فانا لا اختلف معك فما ذهبت انت الي ما تعنيه الايه ، لان الاستبداد السياسي الذي ذكرته انت لا يتاتي هذا الاستبداد الا في ظل غياب دولة المدنية دولة القانون التي من مكوناتها الفصل بين السلطات وقداسة الحاكم وعدم ملامسة قرار الشعب . فعلية ان الدولة المنية هي الحل الوحيد لفك طلاسم هذا الواقع المرير الذي نعيشه الان اخي . دمتم بخير .

    ردحذف
  3. يبدو لي نحنا محتاجين نفكر بالعقل يا جماعة فما نكون ننجر خلف عواطفنا فبعدين فكرة دولة دينية صارخة دا دخلنا في مشاكل كتيرة . فكدا ندي نفسنا فرصة لافكار ما جربنا قبل كدا مين عارف ؟ احتمال تكون علي يدها حل . بس قولوا بسم الله .

    ردحذف
  4. التفكير في الدولة المدنية بباعث التجربة غير مفيد فمن يدرينا سننجح فيها ولربما كانت قاصمة الظهر وتجربة الدولة الدينية بواسطة حكومة الانقاذ ليست هي التى ارادها الله لان الدين لدي الانقاذيون وسيلة للسياسة ودغدغت المشاعر فانا ادعو لتطبيق الدولة الدينية وفقا لمفهومها الصحيح كما اراده الله وليس كما يريده البشر حتى يتساوي الناس امام مسائلة القانون كما وقف على بن ابي طالب خصما مع اليهودي امام القاضى ففي الشريعة لا قداسة للحاكم فمن سرق تقطع يده ولو كان الرئيس من غير مجاملة ولكننا في ظل فقه السترة وترزية الانقاذ الذين يفصلون الدين للساسة ضاعت الشريعة الاسلامية وشوهت صورتها فتولدت ردة الفعل ضدها فالحاصل ان الخلل في الذين يطبقون الدين ويتخذون منه مظلة لتغبيش انظار الاخرين زتنويمهم بذلك ولكن هيهات في زمن الصحوة
    ولك خالص الشكر عزيز محمد احمد منهل

    ردحذف
  5. لك شكري مجدداً.
    نحن مسلمين في المقام الاول .فبتاكيد نحن مع الدولة الدينية بمفهومها الصحيح . لكن هذه الدولة ستظل افلاطونية اي بمعني ستكون مجودة علي مستوي المثال والنص وشواهد من التناريخ الاسلامي الماضي وبتاكيد هو مشرف بمواقفه العادله . كقصة علي بن ابي طالب مع اليهودي ما ذكرت . لكن هذه الدولة الدينية حصلت مره واحده فقط في تاريخ البشرية .فمعظم تجارب الدولة الدينية التي عقبت فترة عصر سيدنا محمد(ص) وخلافه الراشيدين كانت دوله فاشلة جدا وفيها نوع كبير من التجاوز .فلذلك امكانية قيام دولة دينية تبدو مستحيلة وانا شخصي رفضي للدولة الدينية هو جزء من حماية للدين الاسلامي باعتبار ان الدولة الدينية تضع الدين في محطة فشل اذا فشلت. فبتالي يجب الا نضع الدين في حرج . فلك اجلالي وتقديري.

    ردحذف