بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

في ورشة ساخنة ناقشت جدل الهوية والمسكوت عنه .

أبو البشر: النخب السياسية فشلت في إدارة التنوع
محيسي: السياسيون الشماليون استغلوا الجنوبيين ونكثوا بعهودهم
سليمان: انفصال الجنوب تتويج لسياسة الجيش منذ الاستقلال
أحمد عثمان: دستور نيفاشا يجب تغييره للتحول الديمقراطي

أجمع مثقفون سودانيون على أن انفصال جنوب السودان هو خطوة في سبيل تفتيت الوطن، ومن ثم تلاشيه، وأكدوا فشل الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال في إدارة التنوع، الذي يزخر به السودان، قائلين: انه لا يمكن إقامة نظام ديمقراطي ما لم ينجز السودانيون دستورا دائما، بتغيير دستور نيفاشا 2005، ليراعي هذا التنوع في الثقافة والمعتقد.
جاء ذلك في ورشة ساخنة أقامتها رابطة المرأة السودانية "سوا" عنوانها "التاريخ والمغزى: قراءة تاريخية في تداعيات انفصال جنوب السودان"، وذلك مساء الجمعة الماضي بقاعة الهلال الأحمر القطري، قدمت لها الأستاذة عواطف حسين، وادارتها باقتدار الأستاذة زينب هشام الفيل المتخصصة في الشؤون الدولية، وبحضور قيادات من حركة العدل والمساواة، ولفيف من عضوات الرابطة والمهتمين.
وتحدث في الندوة كل من الأستاذ فائز أبو البشر حول جدل الهوية والتلاحق الثقافي والاجتماعي، والأستاذ صديق محيسي حول علاقة السياسي الشمالي بالسياسي الجنوبي، ثم الأستاذ محمد سليمان حول الجيش والسياسة في رصد تاريخي، والدكتور احمد عثمان عمر حول تاريخ التطور الديمقراطي..
المتحدث الأول، الناشط الدار فوري فائز أبو البشر قال ان الهوية ليست سببا لانفصال الدول لأن الهند، مثلا، غير متجانسة ومستقرة، والصومال تعصف به الحروب رغم تجانسه، ثم تطرق لجدلية الهوية وعكوف المثقفين السودانيين للإجابة عن السؤال: من نحن؟، ثم أوضح المدارس التي ناقشت مسألة الهوية كالمدرسة العروبية الإسلامية، الغابة والصحراء، الافريقانية، السودانوية، ثم استعرض بإسهاب مآلات الهوية وأسباب الانفصال متحدثا عن مآلات الهوية والتشدد في زمن المهدية، والفصل العنصري أيام الاحتلال البريطاني، وفشل النخب في إدارة التنوع وفشل الديمقراطية في التصدي للمشكلات التي واجهت مشروعها، وعدم الاستقرار السياسي وخرق العهود وأحادية الحكم.
أما المتحدث الثاني الصحفي المخضرم صديق محيسي، فتحدث عن انطباعات في مشواره الصحفي وتجربته في ستينات وسبعينات القرن الماضي عن علاقة السياسي الشمالي بالسياسي الجنوبي منذ السودنة في فترة ما بعد الاستقلال حيث نكث الشماليون بعهدهم للجنوبيين في إعطائهم كما مقدرا من وظائف الخدمة المدنية مما أدى لشعور المثقفين الجنوبيين بالغبن والاستعلاء الشمالي، حتى الوزارات التي حظوا بها كانت وزارات هامشية وغير سيادية، ورصد الأستاذ محيسي الوزارات التي كانت تعطى للجنوبيين وتكرار الوجوه السياسية الجنوبية في هذه الوزارات، كأخطاء فادحة ارتكبتها الأحزاب الشمالية تجاه الأحزاب الجنوبية، مثل وزارات النقل والاعتدة الميكانيكية والثروة الحيوانية والأشغال والمواصلات، والوجوه المكررة مثل بوث ديو، وساتنينو دينق الذي استوزر 5 مرات، وابيل الير (8) مرات وجوزيف قرنق( 6 )مرات، وأوضح أن أول وزارة سيادية تعطى للجنوبيين كانت وزارة الداخلية بعد ثورة أكتوبر لكلمنت امبورو، ثم وزارة الثقافة والإعلام لبونا ملوال في السبعينات، وتطرق لظاهرة شراء الذمم في البرلمان لضمان تصويت الجنوبيين مع احد الحزبيين أو تغييبهم من جلسات الثقة بحفلات سكر يغيب بعدها السياسي الجنوبي عن جلسة البرلمان، مضيفا أن القادة الشماليين كانوا يتباهون بذلك مما يعكس صورة ذهنية باطنية للرق في عقلية السياسي الشمالي تجاه الجنوبي مما يعكس النظرة الضيقة لتلك الأحزاب في اتجاه علاقة الشمال بالجنوب، مما أدى لترجيح خيار الانفصال لديهم.
الأستاذ محمد سليمان، من جانبه، ابتدر حديثه بقوله اننا نعيد إنتاج التاريخ من جديد الآن، معتبرا أن الانفصال حدث جسيم وهو خطوة في عملية تفتيت السودان وتلاشيه، وان الدولتين في الشمال والجنوب مشكوك في قابليتهما للاستمرار، مضيفا أن تاريخنا مشوه ومحذوف منه بعض الفصول ومسكوت عن الكثير من أحداثه وذلك اما لجهل أو مصالح فكرية أو أيديولوجية أو اجتماعية. ثم تطرق لتاريخ الجيش ومشاركته في الحروب العالمية ودوره الحاسم في السياسة السودانية لمدة 45 عاما منذ الاستقلال، في الحرب وفي السلام، قائلا ان التاسع من يوليو الماضي كان تتويجا لسياسة الجيش وسلطته طوال سنوات ما بعد الاستقلال. وهي هزيمة مطلقة للجيش سواء كسلطة حاكمة أو حامية للشعب. أوضح سليمان ان اخر طلقة لجيش على عدو أجنبي كانت في عام 1924 بعدها توجه رصاصه لصدور أبناء السودان.
واستعرض محاور التكوين الاثني والعنصري للجيش السوداني في القاعدة والقيادة، وعلاقته بجدلية المركز والهامش ودخول الجيش في السياسة، معتبرا انه دخل إليها من باب الأحزاب السياسية، الإجابة عن سؤال هل هو جيش دولة أم جيش وطن؟، وتاريخ الانقلابات العسكرية، وتاريخ الجيش السوداني في الجنوب، والمسكوت عنه طيلة سنوات الحرب، ليختتم حديثه بمحور الجيش والسيادة الوطنية داخليا وخارجيا،.
أخيرا تحدث الناشط الحقوقي الدكتور احمد عثمان عمر عن النظم الحقوقية والدستورية بعد الانفصال والتطور الديمقراطي، معتبرا أن الأزمة السودانية الشاملة والحقيقية هي فشل السودانيين في بناء دولة قانونية حديثة، مستعرضا الدساتير المؤقتة والدائمة التي سنت بالسودان منذ الاستقلال وحتى الآن، كدساتير 1956 المؤقت و64 19و1973 و1985الانتقالي و1995 و2005 الانتقالي الذي جاء بعد توقيع اتفاقية نيفاشا، والذي اعتبره خلطا بين الدولة العلمانية والدينية،. واعتبر انه حتى لو فازت القوى الديمقراطية فلا توجد إمكانية للتحول الديمقراطي في ظل دستور نيفاشا. وقال ان الفشل في بناء الدولة أساسه الفشل في إجازة الدستور الدائم وسيادة حكم القانون واعتبر أن سيادة دولة القانون لا يمكن أن تكون دينية لان دولة سيادة القانون جذرها الأساسي هو المساواة أمام القانون.

مدونة طليعة السودان الحرة:www.pioneermanhal.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق