بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 18 يوليو 2011

صناعة سلام دارفور . فتش عن قطر .. الكاتب/ فرحان العقيل

قطر نجحت في المهمة الأصعب وهندسة الوفاق تستلزم النوايا الصادقة .
في زمن الصواريخ العابرة للقارات وتكنولوجيا الحروب المعقدة كما هو حال مشاهد السياسة ومراوغاتها هنا وهناك تبدو صناعة السلام صعبة ومعقدة هي الأخرى. بيد أن بعض الحلول تظل ممكنة هنا وفي الدوحة تحديداً حيث تبنت القيادة القطرية مبكراً وبنية صادقة ملف السلام في الإقليم السوداني المضطرب " دارفور" والذي عانى طويلاً من سلسلة المشاكل العرقية والتنموية المتنوعة والتي ورثتها الحكومة السودانية من زمن الأتراك والإنجليز وظلت عصية على الحلول في ظل التعاطي بها مع جملة تجاذبات دولية فظل السودان الجريح الآن بفعل استقطاع دولة الجنوب الجديدة من خارطته مؤخرا والمثقل دائماً بهموم الأقليات والإثنيات المختلفة وهموم الديمقراطية والتنمية ظل محور الحديث الساخن دائماً في الأوساط الدولية ووجهت نحوه العديد من القرارات الأممية والغربية تحديداً والتي طالت سيادة الرئاسة السودانية والأمر حسب محكمة الجنايات الدولية باعتقال الرئيس عمر البشير في بادرة تاريخية تجاه سيادة الدول وحدود حرياتها بيد أن مشهد الحالة في دارفور ظل هو الآخر ساخناً يبحث عن نوع خاص من الكرامة ووضع السلاح وكفاية القوت بعد أن كان وجهة لحجج الإغاثة الدولية وجهودها المتنوعة. وفي قطر ومنذ أربع سنوات متتالية كانت الجهود حثيثة ومتواكبة لم تستكن من أجل نوع من الحل الذي يحفظ للسودان سيادته وهويته ويضمن لأطراف النزاع في دارفور سلاماً عادلاً وحضوراً في السلطة يؤهل للمشاركة في القرار وبعض القوت والتنمية في أجزاء الإقليم الذي عانى أهله الإبادة والجوع والتشرد. كانت الدوحة يوم الخميس الماضي قبلة للأعين المتابعة من كل مكان والتي تترقب نهاية حميدة لمجريات تلك القضية التاريخية فقد نجحت الدوحة كعادتها في صناعة السلام في زمن الحروب والمواجهات الصعبة وسجلت تفوقاً نوعياً يحسب لدبلوماسية قيادتها المهتمة بالإنسان والإنسان العربي تحديداً وتبنت حيثيات هذا الملف الصعب وتعقيداته وتشعب أطرافه ما بين حركات متمردة وأخرى معارضة تحمل السلاح وتواجه الموقف بقوة وأسانيد دولية وبمطالبات تفوق مضمون وثيقة الدوحة الموقعة يوم الخميس الماضي والتي أتاحت مجالاً خصبا لقبول حيثياتها من كافة الأطراف تبعا لمجريات تطبيقها على أرض الواقع والذي يبدأ خلال شهر من التوقيع وليعود أطراف القضية إلى مواطنهم يحملون هذا المشروع التاريخي للسلام والعيش المتوافق على ما تبقى من أرض السودان معتبرين بنود الوثيقة مجالاً للتفاهم فيما بينهم وحافزاً للأطراف المترددة للقبول والاندماج في كتلة وطنية واحدة تجعل السودان أكثر تماسكاً أمام ظروف الحالة وتبعاتها.
وما يهم المتابع العربي الآن وفقاً لمخرجات اتفاق الوثيقة أنها صناعة قطرية عربية وقفت الدبلوماسية القطرية خلالها على مسافة واحدة من كل الأطراف المتنازعة ومهدت السبل نحو الحل والتوافق الناجح وهو ما يحسب بالتقدير لدولة قطر حكومة وشعباً والذين تربطهم بالسودان علاقات تاريخية متجذرة ألهبت في نفوس القطريين حماسة المشاركة لتجنيب البلد الشقيق متاهات الانقسام والتوتر فكانت المهمة القطرية تلك جزءا من حضور الإخاء والتعاضد المتنوع والدائم بل سخرت قطر دبلوماسيتها المتمكنة وشراكاتها الدولية الواسعة لتذليل كافة صعوبات الخلاف وبناء أسس متينة من التلاقي والحوار الهادف بين كافة أطراف النزاع حول دارفور وهو ما يقابله الخوة في السودان بالشكر والتقدير لحكومة قطر وقيادتها وعلى رأسها سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حيث برزت خلال مسيرة المفاوضات صور عديدة للامتنان السوداني فقد أطلقت حملة واسعة لجمع التواقيع المليونية لترشيح سمو الشيخ حمد يحفظه الله لنيل جائزة نوبل العالمية للسلام كما أطلقت حملة مليونية أخرى لختم القرآن الكريم مليون مرة وهي بلا شك مشاعر عفوية صادقة تجاه هذا البلد الكريم الذي يسخر إمكاناته وقدراته لخدمة الشعوب وتذليل عقبات الاستقرار والرخاء بينها وهو ما سيسجله التاريخ بين أنصع صفحاته لدولة قطر في زمن تعالت فيه لغة السلاح والجنوح غالباً نحو اللا سلم إلا أن هندسة الوفاق تستلزم النوايا الصادقة دائما لذلك نجحت قطر في المهمة الأصعب

مدونة طليعة السودان الحرة :pioneermanhal.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق